تحضير نص الوسيلة الكبرى -->

تحضير نص الوسيلة الكبرى


تحضير نص الوسيلة الكبرى

    تحضير نص الوسيلة الكبرى للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص الوسيلة الكبرى للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    الوسيلة الكبرى

    ➀ التمهيد :
    - لقد كان التنوع الثقافي الذي عرفه الأدب المغربي، أحد أسباب التحول الموضوعاتي في الشعر العربي، حيث نبغ الشعراء المغاربة في مدح خير البرية صلى الله عليه وسلم وهو ما يسمى بالمولديات، و قد عكس الشعراء هذه الثقافة و الفكر الجديد، من بين الشعراء المثقفين نجد الشاعر: مالك بن المرحل أحد رواد التجديد في الشعر المغربي.
    - نوعية النص: النص عبارة عن قصيدة شعرية في مدح خير البرية للشاعر المغربي مالك بن المرحل.
    - صاحب النص: هو أبو الحكم مالك بن المرحل المصمودي السبتي (604- 699 هـ)، ولد بمدينة مالقا الأندلسية، ونشأ بسبتة، ثم تابع تعليمه بفاس وإشبيلية..
    - ظروف النص: أعرض الشاعر عما يشغل الناس في الناس من إقبال على اللهو والملذات، وعاش مفكرا في شؤون الخلق والخالق، ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم أسوته ومثالا له. ارتأى الشاعر أن يشارك الناس فرحة مولد خير البرية. ..
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية:
    - العنوان: جاء العنوان جملة اسمية مكونة من مركب وصفي: الوسيلة، وهي الطريق والمسلك، والمقصود بها وسيلة ومسلك الشاعر للتقرب إلى الله تعالى. و"الكبرى"، إشارة إلى تعظيمها واعتبارها من أكبر المسالك التي يمكن للإنسان أن يتقرب بها من ربه.
    - الفرضية: نفترض من خلال الشكل الهندسي للنص (تناظر الشطرين، وحدة الروي، وحدة القافية)، وصاحبه، وعنوانه، والبيت الأول و الخامس من النص أن يكون، قصيدة شعرية عمودية تنتمي إلى محور الشعر العربي القديم في التحولات الثقافية والفنية، وتندرج ضمن غرض المدح، وربما سيهدي فيها الشاعر غر ثنائه، وأحسن ما عنده وأغلى ما يملكه للمصطفى الأمين، راجيا وراء ذلك رضى الله والتقرب إليه..
    ➂ فهم النص :
    ✔ المضمون العام: مدح الشاعر للرسول صلى الله عليه وسلم، وإهدائه له غر ثنائه، وذكر أحقيته بذلك، لأن للرسول صلى الله عليه وسلم فضائل كثيرة على البشرية، ومناشدته لعموم المتلقين الإهتداء بهدي المصطفى والاقتداء بسنته.
    ✔ وحدات النص الأساسية:
    - الوحدة الأولى (من البيت 1 الى البيت 5): ثناء الشاعر على الرسول صلى الله عليه وسلم، مع ذكر بواعث مدحه للمصطفى الأمين، وغايته من مدحه.
    - الوحدة الثانية (من البيت 6 الى البيت 12): تركيز الشاعر على الصفات الحميدة التي يتصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم
    - الوحدة الثالثة (من البيت 13 الى البيت 17): مناشدة الشاعر المادح عموم المتلقين الاهتداء بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بسيرته العطرة.
    ➃ تحليل النص:
    ➀ المستوى المعجمي:
    - قصد رسم صورة بهية للمصطفى الأمين عليه الصلاة والسلام، والكشف عن خلقه المستقاة من سيرته العطرة. لجأ شاعرنا إلى توظيف معجم شعري يتألف من ثلاثة حقول دلالية، يمكن تصنيفها حسب ما يلي:
    حقل دال على الطبيعة حقل دال على القيم الدينية حقل دال على القيم الفنية والثقافية
    أزاهير، روض، أكاليل، سماء، الشمس، الأقمار،... المصطفى، النبي محمد، الآداب، غزاوته، آية، رضى ربي، ربي كريم، نبي، الوحي، إمام هدى، صلى النبيون خلفه، الوحي الكريم، قرآن كريم، المؤمنين... غر ثنائي، طيب إهدائي، حسن هدائي، أسلاك در، كل بهاء، جلا صدأ الأذهان، سنن وسناء، أسرته تهدي السرور، كفه تكف من الأعداء....
    - يتضح من خلال استقراء معجم النص أن الحقول الدلالية تحقق ترابطا فيما بينها، إذ نجد الشاعر يهدي للرسول عليه الصلاة والسلام، خير ما يملكه، والتي اقتناها من الطبيعة باعتبارها أطيب ما يمكن أن يهديه الشاعر له، نظرا لكونه أحق بالإهداء، لما خصه الله من فضائل وأخلاق عظيمة جعلت منه خير البشرية، وخير من يقتدى به. فكان خير الثناء واجب على الشاعر وعموم المتلقين اتجاهه.
    ➁ المستوى التصويري الفني:
    سعى الشاعر المادح إلى رسم صورة بهية لممدوحه، وذلك من خلال اتكائه على ثلة من الصور الشعرية، نجد في مقدمتها:
    - التشبيه في البيت الثاني. حيث شبه الشاعر (غر ثنائه)، للرسول عليه الصلاة والسلام، ب-- (أزاهير، وروض، وأسلاك در). وهو تشبيه ضمني.
    - الاستعارة في البيت التاسع. إذ استعار الشاعر لفظتي: (الشمس) و"القمر)، ونسبهما إلى جمال وبهاء الرسول الكريم. على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية.
    - المجاز العقلي: وذلك في قوله: (أسرته تهدي السرور)، حيث نسب الشاعر المادح فعل الهداية إلى محاسن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، علما أن الهداية تكون من طرف الرسول عليه الصلاة والسلام.
    ➂ المستوى الإيقاعي:
    ✔ الإيقاع الخارجي:
    - الوزن: نظم الشاعر القصيدة على منوال بحر الطويل حيث جاءت العروض محذوفة (مفاعي)، و ضرب محذوف مثلها (مفاعي).
    - القافية: قافية متواترة (/0/0) مطلقة مردوفة وموصولة بياء.
    - الروي: حرف الهمزة، وعليه تبنى وإليه تنسب (همزية).
    ✔ الإيقاع الداخلي:
    - الطباق: (شقاوة، السعداء،).
    - الجناس (إهدائي، هدائي و المصطفى، تصطفى،).
    - التكرار بنوعيه: تكرار الحروف (الهمزة سبع وخمسون مرة، العين سبعة عشرة مرة، الهاء أربع وعشرون مرة...)، وتكرار الكلمات (النبي، ربي، صلى، المصطفى، العتقاء...).
    ➃ المستوى التركيبي:
    - الضمائر: تؤدي الضمائر دورا أساسيا داخل بنية القصيدة، وخاصة ما يتعلق بما هو تعبيري ودلالي. لذلك لجأ شاعرنا إلى توظيف ضمير المتكلم الذي يعود عليه (أهديت، غر ثنائي، هدائي، أضفت، ...) دلالة على مدى تعلقه به. وإلى جانب ذلك نسجل حضور ضمير الغائب الذي يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم (به، أحق البرايا، أمين...).
    - الجمل: نسجل، من خلال قراءتنا للقصيدة، أن الشاعر قد أكثر من الجمل الفعلية (أهديت غر ثنائي، تجتنى لعطارة، أضاءت به الدنيا، ...) تعبيرا عن الجو العام للنص الشعري الذي يدعو إلى الحركية والدينامية والتجديد. لأن الشاعر المادح قصد التعبير عن مشاعره تجاه المصطفى الأمين، ورسم صورة للهدية المقدمة، فضلا عن ذكره لكل لفضائل ممدوحه على أمته الإسلامية التي رغبته في نيل رضى الله.
    - الأساليب: زاوج الشاعر المادح، في قصيدته، بين الأسلوب الخبري (أضفت إلى ميلاده، أردت رضى الله، إمام الهدى...) للتعبير عن مدى تعلقه بالرسول عليه الصلاة والسلام، والكشف عن خصاله الحميدة وفضائله على أمته. والأسلوب الإنشائي بأنواعه: الاستفهام (أترجون في يوم القيامة غيره، ألم تعلموا عذر النبيئين، أما كنتم من قبله). وهو أسلوب طلبي خرج عن دلالته الحقيقية إلى معنى مجازي أفاد الإنكار. والنداء (يا طيب إهدائي، يا عتقاء). والأمر (كونوا أكرم العتقاء)، والشرط (إليه يشير ابن البتول إذا رأى ضجيج الورى.
    ➄ التركيب :
    من خلال دراستنا لهذا النص، ملاحظة وفهما وتحليلا مرورا بالمستويات الدلالية والإيقاعية والبلاغية والتركيبية، أمكن القول أن هذا النص قصيدة شعرية تستجيب لخصائص ومظاهر التحول الثقافي والفني الذي شهده المغرب خلال الدولة المرينية، حيث إن الشاعر تمرد عن كل مظاهر الحياة العربية القديمة بكل تمثلانها، داعيا إلى مسايرة مظاهر الحياة الحضارية، ووصف ما رأته العين، وما يعرفه الذوق العام. ولأجل تلك الغاية حاول الشاعر أن يضع القارئ أمام الهدية التي أهداها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك من خلال معجم شعري مزج فيه بين القيم الدينية للممدوح، والمصادر التي استقى منها هديته. هذا إلى جانب تسلحه بمجموعة من الصور الشعرية القائمة على أساس البلاغة العربية القديمة كالاستعارة والتشبيه والمجاز، فضلا عن توظيفه لكوكبة من الأساليب الإنشائية، والمحسنات البديعية التي كشفت عن مشاعر الشاعر الروحية التي كانت سببا وراء مدحه لخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، مما يعكس مدى تجسيد الشعر لخصائص ومظاهر التحول الثقافي والفني للشعر العربي القديم.