تحضير نص يا غاية الظرفاء و الادباء -->

تحضير نص يا غاية الظرفاء و الادباء


تحضير نص يا غاية الظرفاء و الادباء

    تحضير نص يا غاية الظرفاء و الادباء للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص يا غاية الظرفاء و الادباء للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    يا غاية الظرفاء و الادباء

    ➀ التمهيد :
    - لقد كان التنوع الثقافي الذي عرفه العصر العباسي، أحد أسباب التحول الموضوعاتي في الشعر العربي، عاملا مؤثرا في العقلية العباسية، و قد عكس الشعراء هذه الثقافة و الفكر الجديد، من بين الشعراء المثقفين نجد الشاعر: أبو تمام أحد رواد الصنعة و التجديد في العصر العباسي.
    - نوعية النص: قصيدة عمودية للشاعر العباسي أبي تمام في غرض المدح
    - صاحب النص: حبيب بن أوس الطائي ولقب بأبي تمام (188-231 ه)، ولد بإحدى قرى الشام من أسرة فقيرة، فاضطرته ظروف العيش إلى العمل بالسقاية في صباه لكسب لقمة العيش، غير أن اهتمامه بقرض الشعر ونبوغه فيه جعل الأعيان والقواد يطلبونه ويرجون مديحه. انتقل إلى بغداد و اتصل بالخليفة المعتصم وقال في مدحه قصائد كثيرة. وعرف بحصافة الذهن ورهافة الذوق وعمق الاطلاع على كثير من فنون ومعارف عصره.
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية:
    - العنوان: لقد جاء عنوان النص جملة اسمية في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره أنادي و الفاعل ضمير مستتر تقديره أنا. و يدل العنوان على أن ممدوحه غاية أو منيه الظرفاء و هم الباحثون عن اللذة و المتعة و الأدباء و هم الباحثون عن العلم ، وسيستعرض الشاعر مظاهر اللذة و المتعة خاصة بعد قراءتنا البيتين الخامس و السادس
    - الفرضية: نفترض من خلال الشكل الهندسي للنص (تناظر الشطرين، وحدة الروي، وحدة القافية)، وصاحبه، والبت الأول والأخير من النص أن يكون قصيدة شعرية عمودية تنتمي إلى الشعر العربي القديم في التحولات الثقافية والفنية، وغرضها المدح، وربما سيمدح فيها الشاعر الممدوح ذاكرا الخصال الحميدة التي يتصف بها ممدوحه..
    ➂ فهم النص :
    ✔ المضمون العام:
    تعبير الشاعر عن مدى حبه الشديد تجاه من يحب، وذكره لمناقب الممدوح ووصفه للخمرة والطبيعة.
    ✔ وحدات النص الأساسية:
    - الوحدة الاولى (من البيت 1 إلى البيت 5): مطلع غزليّ يرفض من خلاله الشاعر ملامة غيره له على تلذذه بالحب والعشق- وصفه للطبيعة ومحاسنها .
    - الوحدة الثانية (من البيت 6 إلى البيت 11): وصفه للخمر واختياره الأجود منها ذات الأصل العنبي واللون الذهبي والرائحة الزكية .
    - الوحدة الثالثة (من البيت 12 إلى البيت 18): مدحُ الشاعر لابن حسّان الظبي ناعتا إياه بجملة من الصفات
    التأدب، الظرف، خفة الظل، الموهبة الشعرية، الجود والكرم، وكلها صف------ات حميدة حسنة.
    ➃ تحليل النص:
    ➀ المستوى المعجمي:
    يتوزع معجم إلى أربعة حقول دلالية وهي:
    حقل دال على الحب حقل دال على الطبيعة حقل دال على الخمرة حقل دال على الممدوح
    ماء الملام، صب، ماء بكائي الغيث، الدجنة، الوطفاء، حدائقه، الأنداد، الأنواء، مسك الطل، كافور الصبا، خيط، سماء، الربيع، روضه. سلافة، سلافة الخلطاء والندماء، مدامة، عنبية، ذهبية، جهمية الأوصاف، جوهر الأشياء، بهجة كأسها. يا غاية الأدباء، يا سيد الشعراء والأدباء، أبن حسان، همة، وقفت، عرفت بك الآداب، ساويتهم أدبا، وجودك شاهد، خلائق، خلد الندى، ألجمته بوفاء، وإلى محمد.
    - يتبين من خلال استقراء معجم النص أن الشاعر أكثر من الألفاظ الدالة على الممدوح، مما يعكس غرض القصيدة. والعلاقة القائمة بين الحقول الدلالية تكامل و ترابط، لأن الشاعر يلقي كلاما جميلا يثير البهجة والسرور والارتياح والسعادة في النفس. فالحب برقته والربيع بروعته وجماله، والخمرة بعذوبتها و نشوتها، كلها عناصر خدمت الغرض الرئيسي في القصيدة، مما يعكس لنا تعددا في الأغراض والمواضيع في القصيدة الواحدة. والشيء الذي أكسبها وحدة موضوعية. ..
    ➁ المستوى التصويري الفني:
    تفنن الشاعر في رسم صوره وتجسيد أفكاره عندما لجأ إلى توظيف ثلة من الصور البلاغية التراثية ذات منحى بياني. إذ نجده وظف:
    ✔ التشبيه في الأبيات (5، 8، 10، 11، 14):
    - في البيت الخامس شبه هدايا الربيع بهدايا وشي صنعاء. فالمشبه هو (جمال الربيع) والمشبه به هو (وشي صنعاء) وأداة التشبيه حرف (كأن) ووجه الشبه (الجمال والبهاء).
    - في البيت (8) شبه الخمرة(المشبه) بالذهب (المشبه به) لاشتراكهما في الاصفرار.
    - في البيت شبه (11) فقد شبه نسيم الخمرة (المشبه) بنسيم الرياض "المشبه به).
    ✔ الاستعارة: في الأبيات (1، 4، 7، 9) حيث: استعار الشاعر في البيت (1) الماء للملام على اعتبار أن اللائم يجرع من يلومه على جرعات الواحدة تلوى الأخرى .
    ✔ المجاز: في البيت الثاني (تخفق بينه رايات)، حيث أسند فعل الخفقان إلى الرايات على سبيل المجاز اللغوي.
    ➂ المستوى الإيقاعي:
    ✔ الإيقاع الخارجي:
    - الوزن: نظم الشاعر قصيدته على منوال بحر الكامل (متفاعلن متفاعلن متفاعلن)، حيث جاءت العروض صحيحة (متفاعلن) والضرب مقطوع (متفاعل).
    - القافية فجاءت مطلقة موصولة ومؤسسة ومتواترة (كائي، /0/0).
    - الروي جاء موحدا هو حرف (الهمزة).
    ✔ الإيقاع الداخلي:
    - الجناس: (سقاه، تسقيني)، (كأس، كؤوس)، (نار، نور)، (الأنداء، الأنواء)، (بسواء، بوفاء...).
    - الطباق (السراء، الضراء).
    - المقابلة (يا غاية الأدباء والظرفاء/ يا سيد الشعراء والأدباء).
    - التجانس الصوتي: تكرار الحروف (الهمزة 47 مرة).
    -التكرار: تكرار الكلمات (ماء مرتين، الأنداء مرتين، الشعراء مرتين، سلافة مرتين).
    ➃ المستوى التركيبي:
    - الجمل: لجأ شاعرنا إلى المزج بين الجمل الفعلية (استعذبت ماء بكائي، نشرت حدائقه، انحل فيه خيط، سقاه مسك الطل...)، والتي تعبر على الحركية والتحول. وبذلك فتوظيفها عبر عن التحول الذي صاحب قدوم فصل الربيع والتغير الذي شهدته الطبيعة من طيب النسيم ورقته، وما تحدثه الخمرة في نفس شاربها من بهجة ونشوة. والجمل الاسمية وإلى محمد، يا سيد الشعراء، يا غاية الأدباء ...)، والتي تدل على الثبات والاستقرار. وتوظيفها في القصيدة جاء للدلالة على ثبوت مكارم وصفات الممدوح.
    - الأساليب: عمد شاعرنا إلى توظيف بعض الأساليب الإنشائية نجد في مقدمتها: النداء في البيت الثالث عشر. ليعبر من خلاله على مدحه تعظيمه للممدوح، والتأكيد على الصفات التي يريد أن يصف بها ابن حسان. فالنداء خرج عن دلالته الحقيقية ليدل به على معنى آخر هو: التعظيم والتفخيم والرفع من مكانة الممدوح هذا إلى جانب اعتماده على الأساليب الخبرية من أجل وصف الطبيعة وذكر نعوت الخمرة .
    ➄ التركيب :
    من خلال دراستنا لهذا النص، ملاحظة وفهما وتحليلا مرورا بالمستويات الدلالية والإيقاعية والبلاغية والتركيبية، أمكن القول أن هذا النص قصيدة شعرية تستجيب لخصائص ومظاهر التحول الثقافي والفني، حيث إن الشاعر تمرد عن كل مظاهر الحياة العربية القديمة بكل تمثلاتها، داعيا إلى مسايرة مظاهر الحياة الحضارية، ووصف ما رأته العين، وما يعرفه الذوق العام. حيث إنه تخلص من المقدمة الطللية، رغم أنه افتتح القصيدة ببيت شعري من النسيب، لينتقل مباشرة إلى وصف الطبيعة وجمالها، والخمرة وعذوبتها، ليصل إلى الغرض الرئيسي (المدح). وقد أسعفه في ذلك توظيف معجم شعري يتألف من أربعة حقول. هذا إلى جانب تسلحه بمجموعة من الصور الشعرية القائمة على أساس البلاغة العربية القديمة كالاستعارة والتشبيه أضفت جمالا ورونقا على القصيدة. كما عمد شاعرنا إلى توظيف كوكبة من المحسنات البديعية والزخرفة في الكلام (التصنع والتكلف). وهذا خير دليل إلى انتماء الشاعر إلى مدرسة البديع التي مالت إلى التصنع و الصنعة.