تحضير نص ما لي بدار خلت من أهلها شغل -->

تحضير نص ما لي بدار خلت من أهلها شغل


تحضير نص ما لي بدار خلت من أهلها شغل

    تحضير نص ما لي بدار خلت من أهلها شغل للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص ما لي بدار خلت من أهلها شغل للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    ما لي بدار خلت من أهلها شغل

    ولا شَجاني لها شَخصٌ ولا طَلَلُ مالي بدارٍ خلَتْ من أهلِها شُغُلٌ
    للأهل عَنها وللجيرانِ مُنْتَقَلُ ولا رُسُومٌ ولا أبكي لمَنْزِلَة ٍ
    في مرْفَقَيْها إذا استَعرَضْتهَا فَتَلُ ولا قَطَعْتُ على حَرْفٍ مذَكَّرَة ٍ
    ولا سرَى بي فأحكيهِ بها جملُ بيْداءَ مقْفِرَة ً يوْماً فأنْعَتها
    فيها المَصيفُ فلي عن ذاكَ مرْتحَلُ ولا شَتَوْتُ بها عاماً فأدرَكَني
    جارى بها الضّبُّ والحرْباءُ والوَرَلُ ولا شَدَدْتُ بها مِنْ خَيمَة ٍ طُنُباً
    وليسَ يعرِفُني سَهْلٌ ولا جَبَلُ لا الْحَزْنُ مني برأي العَينِ أعْرِفُهُ
    قَصراً مُنيفاً عليهِ النّخلُ مشتَمِلُ لا أنعتُ الرّوضُ إلاّ رأيتُ بهِ
    ومُخبراً نَفراً عني إذا سألُوا فهاكَ من صِفتي إن كنتَ مُختَبراً
    لاحَتْ بأعناقِها أعْذاقُها النُّحُلُ نخلٌ إذا جُلِيَتْ إبّانَ زينتِها
    منضُودَة ٌ بسموطِ الدُّرّ تتّصِلُ أسقاطُ عَسجَدِهِ فيها لآلِئها
    فضَّ العذارى حُلاها الرَّيطُ والحُللُ يَفْتَضّها فَطِنٌ عِلْجٌ بها خَبِرٌ
    فأصْبَحَتْ وبها مِن فَحلِها حَبَلُ فافتَضّ أوّلَها منها وآخرَها
    بلا صَداقٍ ولم يُوجَدْ لها عَقَلُ لم تَمْتَنِعْ عِفّة ً منْهُ ولا وَرَعاً
    فمالَ مُنتَثِراً عُرْجونُها الرجِلُ حتى إذا لَقِحَتْ أرْختْ عَقائِصَها
    شهرينِ بارحَة ً وَهْناً وتَنتَحِلُ فَبِيْنَما هي والأرْواحُ تَنْفَحُها
    حتى تَمَكّنَ في أوْصَالِهِ العَسَلُ أرْخَتْ عُقوداً مِنَ الياقوتِ تُرْضِعُهُ
    لو كانَ يَصْلُحُ منها الشّمُّ والقُبَلُ يا طيبَ تلكَ عرُوساً في مَجاسِدِها
    لا يرْهبُ الذّئْبَ فيها الكبشُ والحملُ خلالَها شَجَرٌ في فيْئِهِ نَقَدٌ
    برجع الحنة في صوتها هدل إنْ جئتَ زائرَها غَنّاكَ طائِرُها
    يَبكي لبُلْبُلَة ٍ أوْدَى بها خَبَلُ من بُلْبُلٍ غَرِدٍ ناداكَ مِن غُصُنٍ
    مُدّتْ لواصِفِهِ في عُمرِهِ الطِّوَلُ هذا فصِفْهُ وقلْ في وَصْفِهِ سدَداً
    أقوى وبَينيَ في حكمِ الْهَوَى عملُ ما بينَ رَبْعٍ ولارَسْمٍ ولا طَلَلٍ
    أفعَى يُقابِلُها عَن جحْرِهِ وَرَلُ مالي وعَوْسَجُها بالقاعِ جانيها
    أمْرانِ ما فيهِما شرْبٌ ولا أكلُ إنّي امرُؤٌ همّتي واللهُ يكلؤني
    كفّي إلَيهِ إذا راجعْتُهُ خَضِلُ حبّ النديم وما في النّاسِ من حسنٍ
    مَنْ عنْده لي إذا ما جئتُهُ نُزُلُ... لا أمْدَحَنّ ولا أُخْطي خَلائقَهُ
    ➀ التمهيد :
    - يعتبر العصر العباسي من أزهى فترات الأدب العربي، فيه بلغ أقصى درجات الجمال و الكمال الفني نتيجة اختلاط الثقافات و تعدد الأجناس. ويد أبو نواس من الشعراء المجيدين الذين عكسوا هذه التحولات في أشعارهم خاصة على مستوى المضمون. - نوعية النص: القصيدة التي بين أيدينا قصيدة عمودية يعبر فيها الشاعر عن موقفه من الطلل. فمن هو أبو نواس و ما هي قصة هذه القصيدة.
    - ص--اح-ب النص: الحسين بن هانئ ويلقب بأبي نواس، ولد بإحدى قرى خزستان الفارسية قبل أن يرحل رفقة أبويه إلى البصرة، وبعدها إلى الكوفة رفقة أستاذه والبة بن الحباب. وقد كان شاعرا ماجنا، وظهرت نزعته الشعوبية، فاشتهر بخلاعته وتهتكه و خمرياته وغزله بالمذكر حتى عد زعيما لهذا الاتجاه الفني في عصره بدون منازع. مدح هارون الرشيد وابنه الأمين ونال من عطائهما الشيء الكثير. وكانت وفاته ببغداد في زمن خلافة المأمون العباسي.
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية:
    - العنوان: جاء العنوان جملة اسمية طويلة توحي على أن الشاعر يرفض مظاهر الحياة العربية القديمة المتمثلة في حياة البداوة بكل مظاهرها التقليدية. وبالتالي فهناك رفض للوقوف على الأطلال والأماكن الغالية، لأن هذه الأشياء لم تعد تشغل باله.
    - الفرضية: نفترض من خلال الشكل الهندسي للنص (تناظر الشطرين، وحدة الروي، وحدة القافية)، وصاحبه، والبت الأول والأخير من النص أن يكون قصيدة شعرية عمودية تنتمي إلى الشعر العربي القديم والتحولات الحضارية والاجتماعية ،وربما سيعبر فيها الشاعر عن موقفه الرافض للوقوف على الأطلال والبكاء على الرسوم، داعيا إلى ترك كل ما له علاقة بالبداوة، والارتباط بمظاهرة الحضارة ومسايرة كل رموزها.
    ➂ فهم النص :
    ✔ المضمون العام:
    ثورة الشاعر على مقومات القصيدة العربية القديمة (المقدمة الطللية والبكاء على الرسوم)، ودعوته إلى مسايرة العصر واستثمار ثقافته في توليد المعاني، ووصف كل ما له صلة بالتمدن .
    ✔ وحدات النص الأساسية :
    - الوحدة الأولى (من البيت 1 الى البيت 7): رفض الشاعر الوقوف على الأطلال، وانتقاده لمل ما له علاقة بحياة البدو.
    - الوحدة الثانية ( من البيت 8 الى البيت 15): افتتان الشاعر بجمالية الروض والنحل وسحر الضلال.
    - الوحدة الثالثة (من البيت 16 الى البيت 19): دعوة الشاعر معارضيه إلى زيارة الروض والتمتع بجماله.
    ➃ تحليل النص:
    ➀ المستوى المعجمي:
    يتوزع معجم إلى حقلين دلاليين وهما:
    حقل دال على الإنسان بنوعيه حقل دال على الطبيعة بنوعيها
    - المتكلم: مالي، شجاني، أبكي، قطعت، أدركني، لا أنعت، أنعتها، ولا شددت، مني، صفتي، رأيت، ولا شتوت، ولا سرى بي.. - المخاطب" سألوا، إن جئت زائرها، غناك، ناداك، فصفه، استعرضتها، أنعتها. - الحية: حرف، جمل، الضب، الحرباء، الورل، النحل، الذئب، الكبش، الحمل، الطائر، البلبل. - الميتة: دار، طلل، رسوم، بيداء، الحزن، سهل، جبل، الروض، شجر.
    - يتبين من خلال استقراء معجم النص أن الشاعر أكثر من الألفاظ الدالة على الإنسان، خصوصا الدالة على المتكلم. حيث نلاحظ أنه هاجم الحياة البدوية بكل مظاهرها، وحاول إقناع المخاطب، الذي يمثل الاتجاه المحافظ، بوجهة نظره المتمثلة في مسايرة العصر. أما فيما يخص حقل الطبيعة، فالشاعر ثار على الحيوانات البرية والمتوحشة، وحتى الأليفة منها، وغيرها من الحيوانات التي كانت وسيلة للنقل وسط الفيافي، واستبدلها بالحيوانات الأليفة التي ترافق الإنسان في حياته الحضارية، والتي تعتبر رمزا للحضارة ك: الطائر والبلبل.
    ➁ المستوى التصويري الفني:
    قصد التعبير عن موقفه الشعري، وظف الشاعر كوكبة من الصور الشعرية، نجد في مقدمتها:
    - التشبيه: في الأبيات (11، 12 و 14): حيث شبه في البيت الحادي عشر أسقاط عسجده (المشبه) بسموط الدر (المشبه به) لاشتراكهما في صفة اللون وحسن التنظيم. كما شبه في البيت (12) حال أعناق النخل (المشبه) بالجمر (المشبه به) لاشتراكهما في الاصفرار والاحمرار. أما في البيت (14)، فقد شبه حال النخل بجمالها و بهائها بحال عروسة الجميلة التي تغري الناظر إليها.
    - الاستعارة: (البيت 13) حيث استعار الشاعر فعل الرضاعة من الإنسان، ونسبه إلى الطبيعة، على سبيل الاستعارة المكنية.
    ➂ المستوى الإيقاعي:
    ✔ الإيقاع الخارجي:
    - الوزن: بحر البسيط ذي العروضة المخبونة، فعلن، والضرب المخبون.
    - القافية: قافية مطلقة وموصولة بواو و متراكبة (/0///0).
    - الروي: حرف اللام.
    - التصريع في مطلع القصيدة.
    ✔ الإيقاع الداخلي:
    - التكرار: تكرار الحروف والأصوات (اللام، الباء، النون، الضاد..)، و تكرار الكلمات (طلل، نحل...)،
    - الجناس: (رسم، رسوم)، (أعرفه، يعرفني)، (النخل، نخل).
    - الطباق (الصيف، الشتاء).
    - المقابلة (ولا شتوت بها، ولا شددت بها).
    - الموازنة (طل/ شجر).
    ➃ المستوى التركيبي:
    ✔ الضمائر: ضمير المتكلم الدال على المتكلم (عني، صفتي، مني، يعرفني ..) وتعكس هذه الهيمنة مدى رغبة الشاعر في التعبير عن وجهة نظره تجاه مظاهر الحياة البدوية، فهو يرفض الوقوف على بقايا الديار، ووصف الديار. والملاحظ هو أن الشاعر أدرج ضمير المخاطب، أثناء دعوته لأولئك الذين يفضلون التمسك بحياة البدو.
    ✔ الجمل: لجأ شاعرنا إلى توظيف مجموعة من الجمل الفعلية (شجاني، أبكي، قطعت، شتوت، أدركني، شددت، أنعت، ناداك، صفه، قل)، وتدل هذه الهيمنة على رغبة الشاعر في التعبير عن موقفه من مظاهر البداوة القديمة. والملاحظ هو أن الأفعال الماضية تدل في أغلبها على النفي، مما يعكس رغبة الشاعر في نفي مظاهر الحياة العربية القديمة. بينما الأفعال المضارعة تدل على ثبات الشاعر على حياة التمدن والتحضر.
    ➄ التركيب :
    من خلال دراستنا لهذا النص، ملاحظة وفهما وتحليلا مرورا بالمستويات الدلالية والإيقاعية والبلاغية والتركيبية، أمكن القول أن هذا النص قصيدة شعرية تستجيب لخصائص ومظاهر التحولات الحضارية والاجتماعي، حيث إن الشاعر تمرد عن كل مظاهر الحياة العربية القديمة بكل تمثلاتها، داعيا إلى مسايرة مظاهر الحياة الحضارية، ووصف ما رأته العين، وما يعرفه الذوق العام. ولأجل تلك الغاية وظف معجما شعرا يتألف من حقل دال على الإنسان وحقل دال على الطبيعة. هذا إلى جانب تسلحه بمجموعة من الصور الشعرية القائمة على أساس البلاغة العربية القديمة كالاستعارة والتشبيه أضفت جمالا ورونقا على القصيدة. كما عمد شاعرنا إلى توظيف كوكبة من الأفعال تتوزع بين الإثبات والنفي مما يدل على أن القصيدة تمثلت إلى حد ما، لمظاهر التحول الحضاري والاجتماعي الذي شهده الشعر العربي القديم في العصر العباسي.