تحضير نص منا النبي -->

تحضير نص منا النبي


تحضير نص منا النبي

    تحضير نص منا النبي للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص منا النبي للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    منا النبي

    ➀ التمهيد :
    - ما كادت رياح التفرق تعصف بالأمة الإسلامية، في عصر بني أمية حتى أصبح الشعراء يتلونون بألوان الأحزاب و الذاهب كل حسب قناعته وميوله السياسية. ومن نماذج هؤلاء نجد عبيد الله بن قيس الرقيات.
    - نوعية النص: النص الذي بين أيدينا قصيدة عمودية قيلت في الفخر، للشاعر عبيد الله بن قيس الرقيات و هو يفتخر بقومه قريش.
    - ص--اح-ب النص: عبيد الله بن قيس الرقيات، شاعر قرشي، عاش معظم حياته في عصر بني أمية، كان معتزا بقبيلته قريش، وحريصا على سيادتها التقليدية. ولأجل تلك الغاية نصب نفسه مدافعا عنها ضد خصومها بني أمية. وقد ارتبط بزعيم قريش مصعب بن الزبير الذي لازمه إلى أن مات. نشد هذه القصيدة حسرة على التفرقة التي طالت قبيلتهن وإشادة بأيام عزها، ودعوة إلى الألفة والوحدة، ومادحا مصعب بن الزبير
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية:
    - العنوان: جاء العنوان شبه جملة مركبة من حرف جر (من). و الضمير المتكلم الدال على الجماعة التي يتحدث الشاعر باسمها، وهم قومه قريش. (نا) و (النبي) دلالة على نبي الإسلام الذي ينحدر من قبيلة قريش، تركيبيا. أما دلاليا. فالعنوان يشير إلى اعتزاز الشاعر بقبيلته ونسبه الذي ينحدر منه، باعتبار قبيلته ذات أصل عز ومجد وشرف لا يمكن الإطاحة به.
    - الفرضية: نفترض من خلال الشكل الهندسي للنص (تناظر الشطرين، وحدة الروي، وحدة القافية)، وصاحبه أن يكون قصيدة شعرية عمودية تنتمي إلى الشعر العربي القديم في التعبير عن الجماعة، و ربما سيعبر فيها الشاعر عن افتخاره بقومه قريش، وسيعلن سخطه وغضبه وعدائه لبني أمية..
    ➂ فهم النص :
    ✔ المضمون العام:
    افتخار الشاعر بقومه قريش، ومقارنته لقبيلته مع بني أمية، على اعتبار أن أصل قومه نبيل وعريق وأبناء عبد شمس. فشتان بينهم وبين بني أمية الذين لا يستحقون الخلافة، فطالما كانت قريش سادة العرب فهي أولى بالخلافة.
    ✔ وحدات النص الأساسية:
    - الوحدة الأولى (من البيت 1 الى البيت 3): تحسر الشاعر على قومه ودعوته لهم إلى الوحدة وترك التفرقة..
    - الوحدة الثانية (من البيت 4 الى البيت 7): تحدي الشاعر لبني أمية، ولكل من يريد لقريش الفناء.
    - الوحدة الثالثة (من البيت 8 الى البيت 11): افتخار الشاعر بقومه وأسلافه الشرفاء.
    - الوحدة الرابعة (من البيت 12 الى البيت 16): مدح الشاعر لمصعب بن الزبير
    - الوحدة الخامسة: (من البيت 17 الى البيت 19): إعلان الشاعر عن سخطه وغضبه وعدائه لبني أنية.
    ➃ تحليل النص:
    ➀ المستوى المعجمي:
    - يتوزع معجم إلى حقلين دلاليين وهما:
    حقل دال على الفخر حقل دال على الحسرة
    منا النبي، منا التقي و الخلفاء، منا أسد الله، السناء، الشهداء، قتيل الأحزاب، على وجعفر، هناك الوصي، منا الزبير الذي أجاب رسول الله.... أقفرت بعد عبد شمس، حبذا العيش، حين قومي، كيف نومي على الفراش، عين فابكي على قريش...
    - يتبين من خلال استقراء معجم النص أن العلاقة القائمة بين الحقلين الدلاليين علاقة تنافر وتناقض، حيث إن القصيدة تعكس صراعا بن قوم الشاعر وقوم بني أمية، وبما أن الشاعر لسان حزبه، فهو يواجه حزب بني أمية الحاكم، ويسعى إلى الإطاحة به، لأن قريش هي الأولى بالخلافة، لذلك نجده يعتز بهم ويتحسر على ما آل إليه قومه.
    ➁ المستوى التصويري الفني:
    يحتوي النص على مجموعة من الصور الشعرية لعل أبرزها:
    -التشبيه الضمني: (البيت 13): حيث نجد الشاعر شبه زوال قومه بعد موت مصعب بن الزبير، بزوال العماء.
    - التشبيه البليغ: (البيت 14): يشبه الشاعر مصعب بالشهاب. فالمشبه هو مصعب، والمشبه به شهاب من الله، ووجه الشبه صورة مرئية أخذت من شيء مفرد، ويسمى هذا النوع من التشبيه بالتشبيه غير التمثيل. وقد عبرت هذه الصور عن أحقية مصعب بن الزبير بالخلافة لأنه يتصف بصفات (إشراق جبينه، قوته، عدله، تفواه....) تلق بالحاكم العربي المسلم.
    ➂ المستوى الإيقاعي:
    ✔ الإيقاع الخارجي:
    - الوزن (بحر الخفيف التام ذي العروضة الصحيحة والضرب المشعت مفعولن).
    - القافية (قافية مطلقة مردوفة بألف وموصولة بواو) .
    - الروي (حرف الهمزة).
    - التدوير (البيت: 5، 7، 8، 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 17).
    ✔ الإيقاع الداخلي:
    - تكرار الحروف والأصوات: (الهمزة، الباء، العين، الميم..).
    - تكرار المدود: (تكرار الألف).
    - تكرار الكلمات: (عبد شمس، السماء، قوم، منا، البلاء...).
    - الجناس: (كداء، كدي)، (الفناء، فناء)،(بكيت، أبكي...).
    ➃ المستوى التركيبي:
    ✔ الضمائر: ضمير المتكلم الدال على الجماعة (يحسدن، منا، علينا ..) وتعكس هذه الهيمنة مدى تلاحم أفراد القبيلة من أجل استرجاع مكانتها وأولويتها بالخلافة، حيث نجد أن ذات الشاعر اندمجت مع الذات الجماعية، مما يدل على أن الشاعر سخر شعره لنصرة قريش والدفاع عنها أمام خصومها بني أمية.
    ✔ الجمل: لجأ شاعرنا إلى توظيف مجموعة من الجمل الاسمية (أيها المشتهي فناء قريش، نحن منا النبي، هناك الوصي ..)، وتدل هذه الهيمنة على الثبات والاستقرار الذي يتناسب مع موضوع القصيدة، إذ إن الشاعر يفتخر بقومه ويردد فضائلهم، وأخلاق الممدوح، ومدى ثبوت تلك الخصال رغم كيد الأعداء..
    ✔ الأساليب: تحفل القصيدة بمجموعة من الأساليب الإنشائية، بحيث نسجل حضور:
    - أسلوب الاستفهام (كيف نومي على الفراش، هل يرجع ما فات) وهي أساليب خرجت عن معناها الاستفهامي لتدل على معنى آخر هو إظهار التحسر والتأسف على ما حل بقومه، وكل ما تعرضوا إليه من تنكيل وإقصاء بسبب ملوك بني أمية.
    - أسلوب التمني (حبذا العيش، لو بكت هذه السماء).
    - أسلوب النداء (أيها المشتهي).
    ➄ التركيب :
    من خلال دراستنا لهذا النص، ملاحظة وفهما وتحليلا مرورا بالمستويات الدلالية والإيقاعية والبلاغية والتركيبية، أمكن القول أن هذا النص قصيدة شعرية تستجيب لخصائص ومقومات الشعر العربي القديم في التعبير عن الجماعة، بل وأكثر من ذلك أنها جاءت معبرة عن تمسك الشاعر بقبيلته وولائه لها، حيث ذابت روحه الفردية داخل روح الجماعة. إذ إن القصيدة تعكس رغبة الشاعر في الدفاع عن قومه قريش أمام خصومها بني أمية، داعيا قومه إلى الوحدة والتلاحم قصد نصرة ممدوحه مصعب بن الزبير، واسترجاع الخلافة إلى قبيلته قريش. ولأجل تلك الغاية وظف معجما شعرا يتألف من حقل الفخر وحقل الحسرة، وأساليب إنشائية للدفاع عن قومه، وإثبات أفضليتهم وأولويتهم بالخلافة. هذا إلى جانب تسلحه بمجموعة من الصور الشعرية القائمة على أساس البلاغة العربية القديمة كالاستعارة والكناية والتشبيه. مما يدل على أن الشاعر متمكن من ركائز الشعر العربي القديم.