تحضير نص رثاء و تذكر -->

تحضير نص رثاء و تذكر


تحضير نص رثاء و تذكر

    تحضير رثاء و تذكر نص للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص رثاء و تذكر للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    رثاء و تذكر

    بِجَنبِ الغَضا أُزجي القَلاصَ النَواجِيـا أَلا لَيتَ شِعـري هَـل أَبيتَـنَّ لَيلَـةً
    وَلَيتَ الغَضا ماشـى الرِّكـابَ لَيالِيـا فَلَيتَ الغَضا لَم يَقطَعِ الرَكبُ عرضـه
    بِطولِ الغَضا حَتّى أَرى مَـن وَرائِيـا وَلَيتَ الغَضا يَومَ اِرتَحلنـا تَقاصَـرَت
    مَـزارٌ وَلَكِـنَّ الغَضـا لَيـسَ دانِيـا لَقَد كانَ في أَهلِ الغَضا لَو دَنا الغَضـا
    وَأَصبَحتُ في جَيشِ اِبنِ عَفّانَ غازِيـا أَلَم تَرَنـي بِعـتُ الضَلالَـةَ بِالهُـدى
    أرانِـيَ عَـن أَرضِ الأَعـادِيِّ نائِيـا وَأَصبَحتُ في أَرضِ الأَعاديِّ بَعدَمـا
    بِـذي الطَّبَسَيـنِ فَالتَفَـتُّ وَرائِـيـا دَعاني الهَوى مِن أَهلِ أَودَ وَصُحبَتـي
    تَقَنَّـعـتُ مِنـهـا أَن أُلامَ رِدائِـيـا أَجَبتُ الهَـوى لَمّـا دَعانـي بِزَفـرَةٍ
    جَزى اللَّهُ عَمراً خَيرَ ما كانَ جازِيـا أَقولُ وَقَد حالَت قُـرى الكُـردِ بَينَنـا
    وَإِن قَـلَّ مالـي طالِبـاً مـا وَرائِيـا إِن اللَّهَ يُرجِعني مِنَ الغَـزوِ لا أَكُـن
    سفـارُكَ هَـذا تـارِكـي لا أَبالِـيـا تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت وَشـكَ رحلَتـي
    لَقَد كُنتُ عَن بابَـي خُراسـانَ نائِيـا لَعَمرِي لَئِن غالَت خُراسـانُ هامَتـي
    إِلَيـهـا وَإِن مَنَّيتُمـونـي الأَمانِـيـا فَإِن أَنجُ مِن بابَي خُراسـانَ لا أَعُـد
    بَنِـيَّ بِأَعلـى الرَقمَتَـيـنِ وَمالِـيـا فَللَّـهِ درِّي يَـومَ أتــركُ طائِـعـاً
    يُخَبِّـرنَ أَنّـي هالِـكٌ مِـن وَرائِيـا وَدَرُّ الظبـاءِ السانِـحـاتِ عَشِـيَّـةً
    عَلَـيَّ شَفيـقٌ ناصِـحٌ لَـو نَهانِـيـا وَدَرُّ كَبـيـرَيَّ اللَـذيـن كِلاهُـمـا
    بِأَمـرِيَ أَلا يقصِـروا مِـن وَثاقِيـا وَدَرُّ الرِّجـالِ الشاهِـديـنَ تَفتـكـي
    وَدَرُّ لُجـاجَـتـي وَدَرُّ اِنتِهـائِـيـا وَدَرُّ الهَوى مِن حَيثُ يَدعو صَحابَتـي
    سِوى السَّيفِ وَالرُّمحِ الرُدَينِـيِّ باكِيـا تَذَكَّرتُ مَن يَبكـي عَلَـيَّ فَلَـم أَجِـد
    إِلى الماءِ لَم يَترُك لَهُ المَـوتُ ساقِيـا وَأَشقَـرَ مَحبـوكٍ يَـجُـرُّ عَنـانَـهُ
    يُبـاعُ بِبَخـسٍ بَعدَمـا كـانَ غالِيـا يُقـادُ ذَليـلاً بَعدَمـا مــاتَ رَبُّــهُ
    عَزيـزٌ عَلَيهِـنَّ العيشَـةَ مـا بِـيـا وَلَكِـن بِأَكنـافِ السُمَيـنَـةِ نـسـوَةٌ
    يُسَوُّونَ لحـدي حَيـثُ حُـمَّ قَضائِيـا صَريعٌ عَلى أَيـدي الرِجـالِ بِقَفـرَةٍ
    وَخَلَّ بِهـا جِسمـي وَحانَـت وَفاتِيـا وَلَمّـا تَـراءَت عِنـدَ مَـروٍ منِيتـي
    يَقَـرُّ بِعَينـي أَن سُهَيـلٌ بَـدا لِـيـا أَقـولُ لأَصحابـي اِرفَعونـي فَـإِنَّـهُ
    بِرابِـيَـةٍ إِنّــي مُقـيـمٌ لَيـالِـيـا فَيا صاحِبي رَحلي دَنا المَوتُ فَاِنـزِلا
    وَلا تُعجلانـي قَـد تَبَـيَّـنَ شانِـيـا أقيما عَلَـيَّ اليَـومَ أَو بَعـضَ لَيلَـةٍ
    لِيَ السّـدرَ وَالأَكفـانَ عِنـدَ فَنائِيـا وَقوما إِذا مـا اِستُـلَّ روحـي فَهَيِّئـا
    وَرُدَّا عَلـى عَينَـيَّ فَضـلَ ردائِيـا وَخُطّا بِأَطـرافِ الأَسِنَّـةِ مَضجَعـي
    مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا وَلا تَحسدانـي بـارَكَ اللَّـهُ فيكُـمـا
    فَقَد كُنتُ قَبـلَ اليَـومِ صَعبـاً قيادِيـا خُذانـي فَجُرّانـي بِثَوبـي إِلَيكُـمـا
    ➀ التمهيد
    ✔ تميز العصر الأموي بظهور صراعات سياسية على إثر سقوط الخلافة الراشدة بعد مقتل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وتفرق المسلمون حول من يتولى أمر تسيير أمور الدولة ، حيث ظهرت تيارات مذهبية وحزبية
    - التيار الأول: يرى أن علي بن أبي طالب أحق بالخلافة باعتباره من آل البيت.
    - التيار الثاني: يرى عكس ذلك وينتصر لمعاوية بن أبي سفيان أي بني أمية بحجة اتباع أهل السنة والجماعة.
    - التيار الثالث: يرفض التيارين معا التيار الأموي والتيار الهاشمي، وقد سمي هذا التيار بالخوارج. وقد تأثر الإبداع الشعري بهذه المذاهب السياسية حيث أصبح كل شاعر ناطقا رسميا باسم التيار الذي يناصره.
    ومن أشهر شعراء العصر الأموي : الأخطل، جرير، الفرزدق، جميل بن معمر.
    ✔ صاحب النص : هو مالك بن الريب التميمي، نشأ في بادية بني تميم بالبصرة، وهو من شعراء الاسلام ، اشتهر في أوائل العصر الأموي، ولم يشتهر من شعره إلا هذه القصيدة، ومقاطع شعرية في الوصف والحماسة. كان مالك شابا شجاعا فاتكا، لا ينام الليل الا متوشحا سيفه، و لكنه استغل قوته في قطع الطريق، و في يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان، حفيد الصحابي عثمان بن عفان، وهو متوجه لإخماد فتنة في تمرد بأرض خرسان، و لما رآه أعجبه وقد كان من أجمل الناس وجها، وأحسنهم ثيابا، فأقنعه بالجهاد في سبيل الله بدلا من قطع الطريق، فاستجاب مالك لنصح سعيد وذهب معه، وأبلى بلاء حسنا وحسنت سيرته، وفي عودته بعد الغزو وبينما هم في طريق العودة إلى (وادي الغضا) في نجد وهو مسكن أهله، لسعته أفعى وهو في القيلولة، فسرى السم في عروقه وأحس بالموت فقال قصيدة يرثي فيها نفسه، وصارت تعرف ببكائية مالك بن الريب التميمي، وتوفي سنة (60ه/680م) في مرو.
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية
    ✔ العنوان:
    - على المستوى التركيبي: مركب اسمي مكون من كلمتين وحرف (رثاء : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا رثاء وتذكر)، (و : واو العطف) ،(تذكر : معطوف على رثاء مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره). العنوان جاء محملا بدلالة الإخبار والإشارة، ويلعب واو العطف دورا في تحديد العلاقة التركيبية بين الرثاء والتذكر.
    - المستوى الدلالي : تعني كلمة رثاء البكاء على الميت وذكر محاسنه ومناقبه. أما التذكر فاستحضار واسترجاع للحظات الماضية . والعلاقة بين التذكر والرثاء علاقة شرطية لأن الرثاء موجب للتذكر وهذا الأخير موجب للرثاء.
    ✔ الفرضية: انطلاقا من شكل النص المبني على نظام الشطرين ووحدة الروي نفترض أن النص قصيدة عمودية تقليدية موضوعها البكاء على الميت وتذكر محاسنه.
    ➂ فهم النص
    الوحدات الدلالية :
    - الوحدة الأولى (من البيت 1 إلى البيت 5): رثاء الشاعر نفسه عندما كان يحتضر بعيدا عن أهله ووطنه.
    - الوحدة الثانية: (من البيت 6 إلى البيت 9): التحولات التي طرأت على شخصية الشاعر بانتقاله من حية الصعلكة إلى مرحلة الجهاد.
    - الوحدة الثالثة (من البيت 10 إلى آخر القصيدة): وصايا الشاعر لصاحبيه عند لحظة احتضاره.
    ➃ تحليل النص
    ➀المستوى المعجمي
    حقل الرثاء حقل التذكر
    تراءت، منيتي، خل، جسمي، وفاتيا، دنا الموت، مقيم لياليا، استل روحي، السدر، الأكفان، فنائيا، خطا، بأطراف الأسنة، مضجعي، ردا، ردائيا. ليت شعري، أبيتن، بجنب الغضى، الهوى، لما دعاني، بعبرة، بعت، الضلالة، يرجعني، ورائيا، فلله دري، بني، ماليا، تذكرت، السيف، الرمح، أشقر.
    - العلاقة الرابطة بين الحقلين (حقل الرثاء وحقل التذكر) هي علاقة ترابط وتكامل وشرط ذلك أن الرثاء مرتبط بالتذكر وأن التذكر موجب للرثاء، كما أن الرثاء موجب للتذكر فهي علاقة وجود شرطي يربط هذا بذاك.
    ➁ المستوى البلاغي
    ✔ الصورة الفنية: وظف الشاعر صورا شعرية مبنية على الاستعارة :
    - البيت الثاني : (ليت الغضى ماشى الركاب) و هي استعارة مكنية.
    - البيت التاسع : (سوى السيف والرمح الرديني باكيا) وهي استعارة مكنية.
    ✔ كما وظف الشاعر الطباق : (الضلالة، الهدى) (رحلي، مقيم).
    ✔ وظف الشاعر أيضا الاقتباس من القرآن في قوله: (ألم ترني بعت الضلالة بالهدى) حيث اقتبسها من الآية الكريمة (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) .
    ➂ المستوى الإيقاعي
    ✔ الايقاع الخارجي: نظمت القصيدة على البحر الطويل: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن. و وحدة الروي (الياء).
    ✔ الايقاع الداخلي: يقوم الإيقاع في هذا النص على مبدأي التكرار والتوازي، حيث نسجل تكرار بعض المصوتات أو الحروف كحرف الياء الذي جاء مشبعا بالمد فأغنى القصيدة من الناحية الإيقاعية والدلالية. أما على مستوى التوازي فنسجل تكرار مجموعة من الصيغ الصرفية كصيغة اسم الفاعل : ساقيا، نائيا، غازيا، باكيا...
    ✔ على مستوى الأساليب : زاوج الشاعر بين الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي، حيث يلعب الأسلوب الخبري دورا في نقل الأخبار، بينما يلعب الأسلوب الإنشائي وهو المهيمن في النص، دورا هاما في رصد انفعالات الشاعر وأحاسيسه وهو ما يتلاءم مع موضوع النص القائم على إحساس الشوق والاحتضار.
    ➄ التركيب
    قصيدة (رثاء وتذكر) قصيدة عمودية تقليدية غرضها الرثاء وتحديدا رثاء النفس وهو غرض شعري شديد الحساسية بحكم أن الشاعر يرثي نفسه عكس العادة أن يرثي الشاعر غيره. موضوع القصيدة هو وصف الشاعر لحالة الشوق والحنين والاحتضار، وقد توزع النص إلى حقلين دلاليين هما حقل الرثاء وحقل التذكر من خلال علاقة رابطة تقوم على التكامل والانسجام ولتقريب لحظة الموت والاحتضار وظف الشاعر مجموعة من الصور الشعرية المبنية على تقنية الاستعارة، كما وظف الاقتباس والطباق وهو ما أضفى على النص طابعا جماليا وفنيا كرسه الإيقاع الداخلي والخارجي للقصيدة التي نظمت على البحر الطويل.