تحضير نص رحلة إلى الإيمان -->

تحضير نص رحلة إلى الإيمان


تحضير نص رحلة إلى الإيمان

    تحضير نص رحلة إلى الإيمان للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    تحضير نص رحلة إلى الإيمان للسنة الأولى باك آداب و علوم انسانية

    رحلة إلى الإيمان

    وبت كما بات السّليمَ مسَّهدَا ألَمْ تَغتَمِضْ عَيناكَ لَيلَة َ أرْمَدَا
    تَناسَيتَ قَبلَ اليَوْمِ خُلّة َ مَهدَدَا وَمَا ذاكَ مِنْ عِشْقِ النّسَاءِ وَإنّمَا
    إذا أصلحتْ كفايَ عادَ فأفسدا وَلكِنْ أرى الدّهرَ الذي هوَ خاتِرٌ
    فلله هذا الدّهرُ كيفَ ترددا شبابٌ وشيبٌ وافتقارٌ وثورة ٌ
    وليداً وكهلاً حينَ شبتُ وأمردا ومازلتُ أبغي المالَ مدْ أنا يافعٌ
    مسافة َ ما بينَ النّجيرِ فصرخدا وَأبْتَذِلُ لعِيسَ المَرَاقَيلَ تَغْتَلي
    حفيٍ عنِ الأعشى به حيثُ أصعدا فإنْ تسألي عني فيا ربّ سائلٍ
    فإنّ لها في أهلِ يثربَ موعدا ألا أيهذا السّائلي: أينَ يممتْ
    رقيبينِ جدياً لا يغيبُ وفرقدا فأمّا إذا ما أدلجتْ فترى لها
    إذا خِلْتَ حِرْبَاءَ الظّهِيرَة ِ أصْيَدَا وفيها إذا ما هجرتْ عجرفيّة ٌ
    يَدَاهَا خِنَافاً لَيّناً غَيرَ أحْرَدَا أجدّتْ برجليها نجاءً وراجعتْ
    ولا منْ حفى ً حتى تزورَ محمّدا فَآلَيْتُ لا أرْثي لهَا مِنْ كَلالَة ٍ
    تريحي ويليقي منْ فواصلهِ يدا مَتى مَا تُنَافي عندَ بابِ ابنِ هاشِمٍ
    أغَارَ لَعَمْرِي في البِلادِ وَأنجَدَا نبيٌ يرى ما لاترونَ وذكرهُ
    وليسَ عطاءُ اليومِ مانعهُ غدا لهُ صدقاتٌ ما تغبّ ونائلٌ
    نَبيِّ الإلَهِ حِينَ أوْصَى وَأشْهَدَا أجِدِّكَ لمْ تَسْمَعْ وَصَاة َ مُحَمّدٍ
    وَلاقَيْتَ بَعْدَ المَوْتِ مَن قد تزَوّدَا إذا أنْتَ لمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التّقَى
    وأنكَ لمْ ترصدْ لما كانَ أرصدا نَدِمْتَ على أنْ لا تَكُونَ كمِثْلِهِ
    وَلا تأخُذَنْ سَهْماً حَديداً لتَفْصِدَا فَإيّاكَ وَالمَيْتَاتِ لا تَأكُلَنّهَا
    وَلا تَعْبُدِ الأوْثَانَ وَالله فَاعْبُدَا وَذا النُّصُب المَنْصُوبَ لا تَنسُكَنّهُ
    ولا تحمدِ الشّيطانَ واللهَ فاحمدا وصلّ حينِ العشيّاتِ والضّحى
    لعاقبة ٍ ولا الأسيرَ المقيَّدا وَلا السّائِلِ المَحْرُومَ لا تَتْرُكَنّهُ
    ولا تحسبنّ المرءَ يوماً مخلَّدا وَلا تَسْخَرَنْ من بائِسٍ ذي ضَرَارَة ٍ
    عَلَيكَ حَرَامٌ فانكِحَنْ أوْ تأبَّدَا وَلا تَقْرَبَنّ جَارَة ً إنّ سِرّهَا
    ➀ التمهيد
    ـ أحدثت الدولة الإسلامية تحولات عميقة شملت جميع نواحي الحياة العربية، لأن الدعوة الإسلامية كانت ثورة تاريخية وحضارية وأنها أدت إلى تحولات جذرية على كل المستويات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. ساهم الدين الإسلامي في تغيير المجتمع العربي، وأحدث هزة قوية في نفوس المسلمين، إذ أطاح الإسلام بالوثنية والعقائد المنحرفة وقدم تصورات جديدة للحياة، فاختفت قيم وبرزت أخرى، قيم التوحيد الإيمان، حتمية الموت ... وقد عبر الشعراء عن هذه القيم الجديدة وتحدثوا عن معاناتهم الذاتية في قصائدهم التي نظموها انطلاقا من التصورات الفكرية والإنسانية والأخلاقية التي دعا إليها الإسلام. وقد انخرط الشعراء الذين اعتنقوا الإسلام في عملية بناء الدولة الإسلامية الناشئة، إذ كرسوا شعرهم للدفاع عنها ضد خصومها، فتقلصت بذلك الأغراض الشعرية السائدة، كالخمر والغزل الإباحي والمديح التكسبي، فكان الشعر السائد هو الرامي إلى الدعوة إلى الجهاد والحديث عن الفتح والغزوات ومدح الرسول صلى الله عليه و سلم، ورثاء الشهداء
    ـ صاحب النص: الأعشى هو ميمون بن قيس من بني قيس بن ثعلبة، لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، وهو من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، ولم يعرف تاريخ ولادته، توفي سنة 7 ه.
    ـ النص عبارة عن قصيدة شعرية تقليدية قائمة على نظام الشطرين المتناظرين، تنتمي إلى الشعر الإسلامي الذي تغيرت فيه الأغراض الشعرية، عدد أبياتها 19 بيتا، مقتطف من: ديوان الأعشى، ص 4.
    ـ ظروف النص: قال هذه القصيدة لأنه قصد المدينة المنورة، يريد الإسلام وأعد القصيدة ليلقيها بين يدي الرسول صلى الله عليه و سلم، بهذه المناسبة.
    ➁ ملاحظة النص و صياغة الفرضية
    ✔ قراءة في العنوان:
    - تركيبيا: من الناحية التركيبية يتكون العنوان من: مركبين اسمين ومركب حرفي وتشكل هذه المركبات جميعها جملة اسمية.
    - دلاليا: أما من الناحية الدلالية فيحيل العنوان على الرحلة التي قام بها الشاعر لهذه البقاع، حيث عوض الرحلة التشوفية للمحبوبة برحلة إيمانية أي رحلة الشاعر إلى حيز مكاني فيه راحة واطمئنان.
    ✔ فرضية القراءة: انطلاقا من الشكل الهندسي للقصيدة المعتمد على (نظام الشطرين المتناظرين)، وعنوان القصيدة" رحلة إلى الإيمان " ومن خلال قراءة الأبيات 1، 2، 8،13، يظهر أن الشاعر يتشوق لزيارة البقاع المقدسة محبة في الرسول صلى الله عليه و سلم. ويراجع فيه الشاعر معتقداته ويعلي فيه من شأن الإسلام ونبيه.
    ➂ فهم النص
    ✔ الوحدات الفكرية
    يمكن تقسيم القصيدة على الشكل التالي :
    ـ الوحدة الأولى (من البيت 1 إلى البيت 5): يصور الشاعر من خلال سهاده وغدر الزمان به وكثرة تقلب أحواله.
    ـ الوحدة الثانية (من البيت 6 إلى البيت 9): وصف حالة الناقة التي أسرعت بغية الوصول إلى بيت الرسول صلى الله عليه و سلم، وما تخلل هذه الرحلة من سير ووقوف.
    ـ الوحدة الثالثة: (من البيت 10 إلى البيت 19): إشادة الشاعر بالرسول صلى الله عليه و سلم، وتذكيره بوصاياه للخلق وتحذيره من عبادة الأوثان والخروج عن الدين..
    ✔ المضمون العام للقصيدة: استهل الشاعر قصيدته بالحديث عن معاناته المادية التي لم تترك له مجالا للطمأنينة مما جعله يفكر في الرحيل إلى يثرب حيث النبي صلى الله عليه و سلم، ليتخلص من تلك المعاناة ، خصوصا وقد سمع الكثير عن الرسول وعن دعوته الجديدة ...
    ➃ تحليل النص
    ➀ المعجم
    - انتقال الشاعر من الجاهلية إلى حياة الإسلام جعله يوظف معجما خاصا عند هذا الانتقال .
    الألفاظ الدالة على الجاهلية الألفاظ الدالة على الإسلام
    تغتمض عيناك، عادك، المسهدا، عشق النساء، أبغي المال، أبتذل، الدهر خائر، أكل الميتات، ذا النصب، الشيطان، السخرية، الأوتاد، نبي، تزور محمد، يثرب، وصاة محمد، التقى، الله، فحمدا، ابن هاشم، لا تعبد الأوثان، لا تحمد  الشيطان
    - نلاحظ أن هناك تضادا بين الحقلين، لأن الألفاظ الأولى تعبر عن آلامه ومعاناته، التي كان يقاسيها في حياته الجاهلية مع قبيلته، بينما تعكس الألفاظ المرتبطة بالدين نوعا من الخلاص والطمأنينة، كما وظف الشاعر الحوار الداخلي(مونولوج)، حيث يلوم نفسه على الأيام التي ضاعت بعيدا عن ذكر الله وعن الإسلام.
    ➁ الصورة الشعرية
    اعتمد الشاعر على الصورة الشعرية لإقناع المتلقي من خلال التشبيه فمثلا البيت الأول شبه الشاعر نفسه في حالة السهر بالملدوغ الذي لا يستطيع النوم كما وظف الاستعارة من خلال البيت الثالث حيث استعار الغضب من الإنسان وقدمه إلى الزمان (خائر).
    ➂ الأساليب
    نلاحظ هيمنة الجمل الاسمية على الجزء الثاني من القصيدة، وهو الجزء الذي بسط فيه الشاعر تلك الخصال التي تميز شخصية النبي صلى الله عليه و سلم، والقيم التي جاء بها الإسلام، لأن الجمل الاسمية تفيد الثبات والاستقرار، حيث يحاول التأكيد بمرحلته الإيمانية. ثم إن الجمل الفعلية قد هيمنت في الجزء الأول من القصيدة بالخصوص أظهر تلك المعاناة وتلك الحيرة التي سيطرت عليه وملكت نفسه، كما اظهر رغبته في أن يمتطي ناقته لكي ينتقل من إلى من وضع إلى آخر من حالة إلى أخرى من زمن إلى آخر. وعلى مستوى بنية الفعل نلحظ التواتر والحضور الكمي للفعل الماضي والمضارع ، ويرتبط الأول بزمن القبيلة وقيمها وزمن الكفر والضلال وزمن المعاناة واليأس في حين يرتبط الفعل المضارع بزمن الرغبة في زيارة الرسول صلى الله عليه و سلم، زمن الدعوة الجديدة والقيم الجديدة، زمن الطمأنينة والخلاص.
    وعلى مستوى الجمل الخبرية والإنشائية، فقد هيمنت الأولى على القصيدة وهذا طبيعي لأن الشاعر بصدد إخبارنا واطلاعنا على تجربته، مع وجود الأسلوب الإنشائي المتمثل في الاستفهام والأمر في الأبيات 18 والنهي في البيت 17، والنداء في البيت 7.
    ➃ الإيقاع
    نظم الشاعر قصيدته على بحر الطويل: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ...
    أصاب العروض والضرب( القبض) (مفاعلن) وهو زحاف جارٍ مجرى العلة، كما اعتمد على وحدة الروي هو(د)، وقافية مطلقة ( سَهْهَدَاْ)، أما على مستوى الإيقاع الداخلي، نجد تكرار بعض الصوامت والكلمات وتعابير على القصيدة برمتها مثل: الدال واللف واللام والواو وتكرار لفظة لا وما ولم ..
    ➄ التركيب
    وتأسيسا على ما سبق، نخلص إلى أن القصيدة الشعرية قيد التحليل، تعبر عن الرحلة التي قام بها الشاعر من نظم المعلقات إلى نظم قصائد في حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي رحلة إيمانية تشبع الشاعر بمبادئ الإسلام الجديد بعد أن كان جاهليا يتناول مختلف الأغراض الشعرية.